سألتينى ذات مرة: هل يمكن أن يستمر حبنا للأبد؟ أجبتك بكل بساطة: نعم.. يمكن أن يستمر للأبد، لكن ليس بالضرورة أن نستمر معا للأبد. بدت الإجابة غير مقنعة، سقطت دمعة خجولة من عينيك، وسارعت باتهامى بأننى أفسد كل اللحظات الجميلة فى الحياة.
ماذا لو قلت أن حبنا سيستمر للأبد، دون أن تضيف عبارة أخرى.. هكذا قالت. حين أستعيد هذه الذكريات بعد سنوات أجد كلاً منا فى طريقه، لكنك لا تزالين فى قلبى، صحيح أن شعلة الحب لم تعد متقدة كما كانت، صحيح أننا لم نعد متحابين كما كنا، صحيح أننا لا نرى بعضنا البعض، ولا يحركنا الشوق، ولا نتلهف على مكالمة تليفون.. لكن الصحيح أيضا أن مكانك فى قلبى.
حين يدق المحبون على أبواب القلوب، ينفتح الباب الملكى على الفور، تتربع الحبيبة فيه، لكن هذا لا يمنع وجود حجرات أخرى، كل منها مغلق على تجربة سابقة، أحيانا تستطيع صاحبته التغلب على قفل الذكريات وتفتح بمفتاحها القديم لتطل للحظات لكنها مجرد ذكريات، سرعان ما تعبر سريعا.
القلب مثل العقل الباطن، وربما يكون هو نفسه، تتسجل فيه كل الذكريات والمشاعر، إنها تلك الحجرة المظلمة داخل النفس البشرية التى تسجل كل الذكريات والأحداث السعيدة.. وحتى التعيسة.
ومنذ سنوات بعيدة استطاع سيجموند فرويد أن يضع يده على هذا القلب الخفى، أو العقل الباطن، أو حتى غرفة الذكريات الغامضة داخل النفس البشرية، وعن طريق الأحلام أو المشاعر المكبوتة التى تستطيع التغلب على الحاجز المظلم الذى يحبس الذكريات والمشاعر استطاع تحليل النفس البشرية.
لا أدعى أننى فرويد آخر، أو أسير على نفس مدرسته، لكننى على الأقل كونت فلسفة خاصة عن حجرات الحب المغلقة داخل القلب البشرى.
لو تقابلنا الآن بعد سنوات من الفراق ربما تسأليننى أين أنا الآن؟ والإجابة دون لف أو مواربة فى قلبى دائما.. لم أكذب عليك فى تلك اللحظة التى تصارحنا فيها.. أنت داخل إحدى حجرات هذا القلب المغلق.. ربما تكون الحجرة الثالثة على اليمين.. لكن لا تسألينى ما هو عدد الحجرات الأخرى؟.. ومن فيها؟.. ففى كل حجرة تجربة، وإنسانة سألتنى نفس السؤال، وتركت لها حجرة حين تتراجع المشاعر لكنها أبدا لا تموت!